سواد القلوب
ليس أقسى على الروح من أن تكتشف أن من أعطيته قلبك، كان يخفي خلف ابتسامته ظلاً ثقيلاً اسمه سواد القلوب ، سواد لا تراه في الأيام الأولى، ولا يفضحه الكلام المعسول، بل تكتشفه عندما يحين وقت الوفاء، فإذا به يتهرب، وإذا جاء وقت ردّ المعروف، إذا به ينكر الجميل وكأنك لم تكن. كنتَ تعطي بلا حساب، تفتح أبوابك في عزّ الليالي المظلمة، تداوي جراحه وتتحمل نزفه وألمه، وتصبر على ما لا يحتمله أحد، فقط لأن العشرة عندك مقدسة، ولأنك صدّقت أن الوفاء ما زال يعيش بين البشر ، لكنك اصطدمت بالحقيقة المرة : هناك قلوب لا ترى إلا نفسها، لا تحفظ إلا مصالحها، ولا تتذكر إلا ما ينفعها. الخذلان لا يأتي من غريب، الغريب لا يملك مفاتيح قلبك، بل يأتي من أقرب الناس إليك، من أولئك الذين حسبتهم سنداً، فإذا بهم يكسرونك من حيث وثقت ، والقهر ليس في فعلتهم بقدر ما هو في إنكارهم لكل ما كان، كأن العمر الذي مضى معهم لم يكن سوى وهم عابر . وفي النهاية، تفهم أن سواد القلوب لا يزول، وأن من باعك مرة سيبيعك ألف مرة، وأن الطيب لا يخسر حين يعطي، بل الخسارة كل الخسارة فيمن لم يعرف قيمة ما مُنح . الخاتمة : تعلمت أن الطعنات لا ...