كنتُ له الحلم حين كان يبحث عن بداية
كنتُ له الحلم حين كان يبحث عن بداية، وأصبحتُ بالنسبة له الماضي حين وجد النهاية .
أحيانًا نكون لأحدهم كل شيء، نكون اليد التي ترفع، والقلب الذي يحتوي، والكتف الذي يستند عليه في لحظات ضعفه ، نكون البداية التي تمنحه الأمل من جديد، والصوت الذي يهمس له بأن الغد أجمل .
كنتُ له الحلم في وقتٍ ضاقت به الدنيا، منحته من روحي ما لم أمنحه لنفسي، وصنعت معه طريقًا لم يكن يومًا ليمشيه بمفرده.
كنتُ الصفحة البيضاء التي كتب عليها أولى خطواته، والملاذ الذي احتمى به من ضياع الأيام، كنتُ الجسر الذي عبره بثقة، وهو يعلم أنني لن أترك يده تسقط ، صنعتُ معه بداية كان يتمناها، وحملتُ على كتفي أثقاله حين كان يبحث عن فرصة جديدة للحياة .
أعطيته من قلبي بلا حساب، من وقتي بلا مقابل، ومن صبري أكثر مما يحتمل إنسان ، كنتُ أؤمن أن من يمنح بصدق لا يخسر، وأن العشرة لا تُنسى، لكنني اكتشفت أن البعض لا يرى في الحب سوى وسيلة عبور، وفي العطاء سوى خدمة مؤقتة حتى يصل لما يريد ويحلم .
لكن… حين وصل إلى ما أراد، تغيّر كل شيء ، صارت الأيام التي جمعتنا مجرّد تفاصيل باهتة في ذاكرته، وصرتُ أنا بالنسبة له ماضيًا لا قيمة له ، نسي أنني كنت البداية التي حملته نحو النهاية التي يتمسّك بها اليوم ، نسي العشرة، وغيّب كل جميل، واختار أن يرحل تاركًا وراءه قلبًا أنهكه الاستغلال وخذلانه الكبير ، لم يلتفت إلى الوراء ، نظر إليّ وكأني مجرد فصلٍ قديم في كتابه، وترك قلبي متخمًا بالجراح ، خان الوفاء، ونكر المعروف، واختار أن يُغلق الباب خلفه وكأنني لم أكن يوماً بداية نجاته.
مؤلم أن يتحوّل الوفاء إلى عبء، وأن تُكافأ التضحية بالتجاهل، وأن يُترجم الحب استغلالًا، وكأن كل ما كان بيننا لم يكن سوى مرحلة عابرة في حياته.
لكنني تعلمت… أن من يستغلك يومًا، لن يُقدرك أبدًا ، وأن من يبيع العشرة، سيجد نفسه يومًا بلا رصيد من الوفاء .
أما أنا، فبِقدر ما آلمني الفقد، علّمني أيضًا أن الحب لا يُعطى لمن لا يعرف قيمته، وأن التضحية لا تُقدم لمن يرى فيها وسيلة لا أكثر .
اليوم لا أعاتبك… لأنني لم أعد أنتظر منك وفاءً ، أنا فقط أذكّرك : أن البداية التي أنقذتك، هي نفسها النهاية التي ستطاردك ، وأن ما حسبته ماضيًا، سيبقى حاضرًا في داخلك كجرح لا يلتئم أبداً .
وفي النهاية… أنا لست ماضيه، بل أنا الحاضر الذي سيظل يطارده حين يدرك أن لا أحد بعدي سيحبه كما أحببته .
الخاتمة:
رحل وكأنه ربح، لكنه لا يعلم أنه خسر الشيء الوحيد الذي لا يُعوَّض : قلبًا صدق، وعطاءً لم يتكرر ، أما أنا، فلست ماضيه كما توهّم، أنا العلامة الفارقة التي سيعود إليها بذاكرته كلما جرب أن يجد نصف حب مما منحته… ولن يجد ، رحلتَ ظانًا أنك ربحت كل شيء، لكنك لم تفهم… أن الخسارة الحقيقية ليست في رحيلي عنك، بل في عجزك أن تجد يومًا قلبًا يمنحك ما منحته أنا .
مع السلامة 🌷
💙 دمتم صادقين في مشاعركم
ونلتقي دومًا على سطور من صدق وإلهام ✨✍️
🍃 إلى لقاء قريب بإذن الله.

تعليقات
إرسال تعليق
اترك تعليق لو أحببت