بعض الديون لا يمكن ردها
هناك ديون لا تُقاس بالمال ولا تُسدّد بالأرقام، ديون تنقش في القلب قبل العقل، وتظل شاهدة على مواقف لا تُنسى.
ديون من نوع آخر… حين يمدّك أحدهم بصدق مشاعره في وقتٍ كنت فيه منهكاً، أو حين يقدّم لك كتفه لتستند عليه بينما العالم كله أدار لك ظهره.
قد تظن أن بإمكانك رد الجميل بكلمة شكر أو موقف عابر، لكنك تكتشف لاحقاً أن ما منحك إياه يفوق حدود الرد ، كيف يمكن أن تعوّض من ضحّى براحته لأجل أن يراك مبتسماً؟ كيف ترد لمن اختار أن يتحمّل وجعك حتى لا تسقط؟
هذه الديون ليست عبئاً، بل شرفاً نحمله بداخلنا، نُكبر به من وهبنا العطاء بلا حساب ، هي ديون لا تُرد لأنها ببساطة خُلقت من التضحية، والإيثار، والصدق… أشياء لا يملكها إلا أصحاب القلوب الصادقة النقية النادرة.
عشت في حياتي مواقف كثيرة، لكن هناك لحظات لا تُنسى، لحظات كنت فيها على وشك الانهيار ، شعرت أنني وحيد أمام كل شيء، وأن الطريق أظلم فجأة، وأن الخطوات أثقل من أن أُكملها بسبب كسر خاطري أو خذلان من أحد ظننت انه الأوفى ، وفي تلك اللحظة التي كنت فيها أقرب للسقوط… وجدت من يمدّ لي قلبه قبل يده، من يحتويني وكأنه يقول لي دون كلام : لن تسقط وأنا هنا موجود .
فبعض المواقف تظل ديناً في أعناقنا ما حيينا، نتذكّرها كلما مرّت بنا الحياة، ونرفع في قلوبنا دعاءً صادقاً أن يجازي الله أصحابها خيراً، لأننا مهما فعلنا لن نرد ما قدّموه لنا ، ويظلون المنقذين مهما حدث.
وفي النهاية… ليتنا ندرك أن أعظم الديون ليست تلك التي تُكتب في دفاتر البنوك، بل تلك التي تُسجَّل في دفاتر القلوب ، هناك تضحيات لا تُقاس، ومواقف تبقى أعمق من كل ردّ، وديون تظل أعناقنا مثقلة بها مهما طال العمر ، وطال الهروب والنكران ، لذلك : فلنُحسن حفظ الجميل، ولنجعل الوفاء ردّنا الصادق، فما لا نستطيع سداده باليد، يمكن أن نوفيه بالمحبه والاحترام والتقدير ، وبصدق العشرة، وبالوفاء الذي لا يعرف النسيان والظروف .
الخاتمة :
وفي ختام الحكاية… ندرك أن هناك ديوناً لا تُردّ، لأنها ليست أرقاماً ولا أشياء تُشترى وتُباع، بل أرواح أهدتنا وقتها، وقلوب احتضنتنا، وأكتاف حملت وجعنا ، تلك الديون تبقى ما حيينا، شاهدة على نقاء مواقف لم يطلب أصحابها ثمناً، سوى أن نكون بخير ، وما لا نملكه لردّه، نملكه بالحب الصادق، وبحفظ المعروف، وبوفاءٍ يليق بقلوبٍ آمنت أن التضحية لغة لا يتقنها إلا العظماء .
وأيضاً هناك ديون ستبقى في أعناقنا ما حيينا ، ليست مالاً ولا معروفاً عابراً، بل دمعة مُسحت عن وجوهنا ، ووجع تقاسمناه معي غيرنا ، ويد انتشلتنا من غرقٍ كنا نظنه النهاية ، هذه الديون لا نملك أن نردها، لكننا نملك أن نحفظها في قلوبنا ، أن ندعوا لأصحابها بصدق، وأن نبقى أوفياً لهم مهما ابتعدت بنا الأيام ، فما أعظم دين التضحية… وما أكرم ردّ الوفاء .
مع السلامة 🌷
💙 دمتم حافظين العشرة
ونلتقي دومًا على سطور من صدق وإلهام ✨✍️
🍃 إلى لقاء قريب بإذن الله.

تعليقات
إرسال تعليق
اترك تعليق لو أحببت