المشاركات

التعامل مع المخببين

صورة
في كل علاقة قوية، حب أو صداقة أو حتى علاقة عمل، هناك دائمًا من يتربص ، لا لأن العلاقة تخصه أو تهمه، بل لأن تخريبها يمنحه شعورًا بالقوة، أو يُرضي فراغًا في داخله لا يملؤه إلا الخراب ، هؤلاء هم المخببون: محترفو الفتن والهمس الخفي بين قلبين. قد تعتقد أن المخبب غريب عنك، شخص بعيد لا يمكنه أن يؤثر فيك… لكن الحقيقة أن المخبب غالبًا ما يكون قريبًا جدًا: صديق مقرّب، زميل عمل، أو حتى قريب يتدخل «بحسن نية» — أو هكذا يقول. المخبب ليس عدوًا واضحًا، بل ظلٌ يتسلل من باب المحبة والحرص ، لا يرفع سيفًا ولا يعلن حربًا، لكنه يزرع الشك بين اثنين بلمسة خفيفة وكلمة حانية تخبئ سمًّا ناعماً ، يكفيه أن يوهمك أنه وحده من يفهمك، وأن لا أحد يحبك كما يحبك هو، ليأخذك بعيدًا عن من تحب دون أن تشعر. قصة: همسة صغيرة هدمت بيتًا كبيرًا «أميرة » و«حمد » كانا قصة حب جميلة يعرفها الجميع ، لم يكونا مثاليين، لكنهما كانا صادقين معاً ، كانت مشاكلهما صغيرة تُحل بينهم، حتى جاءت «الاخت الاكبر » .. تلك التي تسمع كثيرًا وتتكلم أكثر. كانت تطرق باب أميرة كلما زعلت من حمد، تمسح دموعها بيد، وتسكب الوقود باليد الأخرى ، تقول لها:  « ا...

مافي اثنين خسروا بعض إلا في طرف ثالث

صورة
بسرد لكم قصة من الواقع وليس من الخيال ، ربما فقط تختلف الاسماء !!  يقول المسكين أنا كنت أحسب إن الحب إذا كان صادق ما يهزه ريح ، ويقول كنا أنا وهي نحلف لبعض إن العمر ما يكفي نخلص حب ، كان يخطط لصباحات العمر معًا، ويكتب أحلامه على ورق ويخبئها في أدراجهما كأسرار مقدّسة. ويضيف وهو يتلعثم بالكلام: ما كان بيننا إلا الأمان ، لكن المشكلة ما كانت فينا.. المشكلة إن الأمان صار مفتوح الباب، يدخل منه أي غريب بكلمة حلوة أو همسة مريبة. صمت قليلاً ونظر إلى الارض وقال : ما توقعت إن حُب جديد ممكن يسرقها مني.. ولا تخيلت إن أحد ممكن يزرع في قلبها شك فيني ، الطرف الثالث دخل، ليس بوضوح، دخل في رسائل خفية، في عيون تلمع بكلام ما قلته لها أنا من قبل ، في وعود جديدة أغرتها وكلام سمّعها إنّي غير كافي. ولأن القلوب تتعب أحيانًا، هي اختارت تصدق الكلام الجديد، وأنا كنت أظن إنّي فوق الشكوك ، ربما ما دافعت عن نفسي بما يكفي.. ما حاربت الطرف الثالث.. ولا حميتها من كلمة خبيثة ولا حضن غريب. كبرت المسافة، وكبر الطرف الثالث بيننا مثل جدار.. حتى صار كل واحد فينا في جهة، نناظر بعض من بعيد وما بيننا إلا أسئلة ما تنتهي: كيف...

البائع دائماً خسران

صورة
في مدينة مزدحمة بالوجوه الباردة، كان «آدم» يسير بقلبٍ مفتوح كمتجرٍ بلا أبواب ، لم يكن لديه رفوف خشبية ولا سلّة نقود معدنية، بل كان يضع مشاعره كلها أمام الناس، مرتبة بدقة: صدقه هنا، حنان هناك، وشيء من حلمه معلّق في الزاوية، ينتظر من يشتريه. لم يكن آدم يبيع بضاعة تكسد أو تنتهي صلاحيتها ، كان يبيع بضاعته التي لا ترى بالعين، لكنها تُنهك القلب كل من عبر به وابتاع منه شيئًا ثمينًا مقابل وعدٍ كاذبٍ أو كلمةٍ دافئة لم تعش طويلًا. كانت ليلى آخر الزبائن وأكثرهم شراهة ، جاءت ذات مساء برذاذ خفيف دافئ ، تحمل خيبتها على كتفيها وتطلب حضنًا واسعًا يحتمل بكاءها قالت له: « أحتاج   أن   أختبئ   فيك   قليلاً …  حتى   أتعافى   من   كل   شيء » . ضحك آدم بصمت، هزّ رأسه موافقًا، وفتح لها كل أرفف قلبه، باعها الوقت، وسهر الليل ليقنعها أن الحياة لا تزال تحتمل ، بعثر كلماته كزهورٍ على عتبة حزنها ، وبعد فترة فتح متجره لها وحدها: منحها اهتمامه كاملاً، باعها حنانه بلا فاتورة، أغرقها بكلمات لم تسمعها من أحد، وصدق وعده حين وعد ألا يخذلها أبدًا. وفي كل مرة كانت تقول له:  ...

من استغنى فنحن عنه أغنى

صورة
“وما   فقد   الماضون   مثل   الذي   فقدتُ ولا   لقيَ   المحزون   مثل   الذي   ألقى” — المتنبي تمضي بنا الحياة، ونمضي معها حاملين قلوبًا أثقلها الوفاء، وأرواحًا أنهكها الإخلاص لمن لم يحسنوا يومًا قراءة نقائنا ، كثيرون أولئك الذين مرّوا بنا، شاركونا الضحك حين أرادوا، وأداروا ظهورهم حين احتجنا حضورهم أكثر من أي وقت مضى. في هذه الحياة سيمرّ بنا الكثير من الناس ، بعضهم يدخل قلوبنا بلا استئذان، وبعضهم يخرج منها دون وداع ، قد نُحسن، ونُعطي، ونبذل من الوقت والروح ما نظنّه كافيًا ليبقى من نحب بجانبنا، لكن الحقيقة المرّة أن بعض القلوب لا تعرف معنى الوفاء، ولا تُقدّر ما بين الأيادي حتى تفقده. يظنّ من يستغني عنا أن رحيله سيكسرنا، أو أن غيابه سيُفرغ أيامنا من المعنى ، ولا يعلم أن من عاش صادقًا، نقيّ القلب، لا ينكسر بفقد من لم يُقدّره، بل يزدهر ويزهو ويقسو ظهره على غدر الخائنين. نحن أغنى بمن بَقِي، أغنى بمن اختار البقاء، أغنى بأنفسنا حين نكتفي، ونغلق أبوابًا لم تطرق إلا حين الحاجة ، إن من استغنى عنّا لم يخسر شيئًا سوى فرصة لن يجد مثلها، لكنه منحنا فرص...