التعامل مع المخببين
في كل علاقة قوية، حب أو صداقة أو حتى علاقة عمل، هناك دائمًا من يتربص ، لا لأن العلاقة تخصه أو تهمه، بل لأن تخريبها يمنحه شعورًا بالقوة، أو يُرضي فراغًا في داخله لا يملؤه إلا الخراب ، هؤلاء هم المخببون: محترفو الفتن والهمس الخفي بين قلبين.
قد تعتقد أن المخبب غريب عنك، شخص بعيد لا يمكنه أن يؤثر فيك… لكن الحقيقة أن المخبب غالبًا ما يكون قريبًا جدًا: صديق مقرّب، زميل عمل، أو حتى قريب يتدخل «بحسن نية» — أو هكذا يقول.
المخبب ليس عدوًا واضحًا، بل ظلٌ يتسلل من باب المحبة والحرص ، لا يرفع سيفًا ولا يعلن حربًا، لكنه يزرع الشك بين اثنين بلمسة خفيفة وكلمة حانية تخبئ سمًّا ناعماً ، يكفيه أن يوهمك أنه وحده من يفهمك، وأن لا أحد يحبك كما يحبك هو، ليأخذك بعيدًا عن من تحب دون أن تشعر.
قصة: همسة صغيرة هدمت بيتًا كبيرًا
«أميرة » و«حمد » كانا قصة حب جميلة يعرفها الجميع ، لم يكونا مثاليين، لكنهما كانا صادقين معاً ، كانت مشاكلهما صغيرة تُحل بينهم، حتى جاءت «الاخت الاكبر » .. تلك التي تسمع كثيرًا وتتكلم أكثر.
كانت تطرق باب أميرة كلما زعلت من حمد، تمسح دموعها بيد، وتسكب الوقود باليد الأخرى ، تقول لها: «انتبهي… أنا أخاف عليكِ، الرجال كلهم هكذا… هل لاحظتِ أنه تغيّر؟ أظن أنه يخفي عنكِ شيئًا…» .
ومرة بعد مرة، زرعت الشك، سقت الظنون، وروت قلب أميرة بحكايات النوايا السيئة.
في البداية لم تصدق أميرة، لكنها مع الوقت أصبحت ترى كل تصرف بسيط على أنه دليل خيانة ، يكفي تأخر حمد نصف ساعة ليبدأ عقلها في نسج ألف قصة ، وما إن تسأل اختها ، حتى تؤكد لها كل ظنونها، وتضيف المزيد.
كبر الخوف… وكبرت الفجوة… وأصبح حمد يحس أن من يحبه صار يفتش في هاتفه ويتهمه في تفاصيله. تشاجرا كثيرًا، وفي كل مرة تتدخل «الاخت» لتصب الزيت على النار ، حتى جاء يوم انهار فيه البيت كله: تركها حمد ، فقد شعر أنه لم يعد أمامه إلا الرحيل.
كانت دائماً تنصحها بأن تتركة وترمي عليه ما أهداها اياها من هدايا واشياء كانت لديها منه ، وكذلك تحرضها على تركة والزواج من غيره .
أميرة خسرت حب عمرها، والأخت اختفت بعد خراب الدار، تبحث الآن عن قلب آخر تهدمه… فلو كانت أختاً ناصحة لكانت نيتها نقية، ولبقيت، ولملمت الشقوق بدل أن توسّعها.
كيف نحمي أنفسنا من المخببين؟
يجب ان تراقب العلاقة من الداخل:
حلّ مشاكلك مع من تحب وجهًا لوجه ولا تهرب ، لا تجعل أحدًا وسيطاً إلا إن اضطررت لذلك. فالمخبب لا يعيش إلا في المساحات الفارغة بينكما.
من المهم وضع حدودًا واضحة:
ليس كل من يسمعك يستحق أن يعرف كل شيء عنك ، بعض الناس يبدون طيبين لكن قلوبهم ممتلئة بما يكفي لإفساد القلوب الفارغة ، خصوصاً إذا كان باب الحسد والحقد مفتوح.
اسأل أكثر من رأي:
إذا وجدت شخصًا واحدًا فقط يقول لك إن الطرف الآخر سيئ، بينما كل دلائلك تخالفه — فتأكد أنك أمام مخبب لا ناصح ، لانك كنت الأقرب له وتعرفه جيدأ اكثر منه .
احفظ ثقتك بالحب:
أنت تعرف من يحبك حقًا ، إذا صار الشك أكبر من الدليل، فتذكّر أن المخبب يربح حين تخسر أنت إنسانًا غاليًا عليك.
الخاتمة :
الحب لا يهدمه خطأ صغير ولا موقف عابر، لكن يهدمه همس خبيث يتكرر حتى يصبح حقيقة مزيفة ، لو كانت أميرة يومًا صادقة مع نفسها أكثر من أختها ، لأدركت أن من يحب يبقى… ومن يحب لا يزرع الشك بل يسقي الثقة .
إذا أردت أن تحافظ على قلبك، احمِ أذنك… فبعض الكلمات تقتل القلوب قبل أن تقتل العلاقات والحب والبيوت ، وكن أنت كذلك: لا تكن يومًا مخببًا لأحد، ولا تسمح لأحد أن يكون مخببًا عليك.
الحياة مليئة بالأرواح الطيبة، لكنها لا تخلو من المخربين أيضًا ، وكن ذكيًا، لا تسمح لأحد أن يعبث بقلبك وعلاقاتك ، احفظ أسرارك، وحافظ على حُبك بالصدق والثقة… فما بُني على المحبة والنية الصافية لا يهدمه همس المخببين، مهما حاولوا.
مع السلامة 🌷
💙 دمتم مخلصين صادقين
ونلتقي دومًا على سطور من صدق وإلهام ✨✍️
🍃 إلى لقاء قريب بإذن الله.

تعليقات
إرسال تعليق
اترك تعليق لو أحببت