الفراق ليس عيبًا
الفراق ليس عيبًا… بل العيب أن نُكمل طريقًا لا يشبهنا، أن نُجبر قلوبنا على احتمال ما لا يُحتمل، أن نُقنع أرواحنا أن البقاء مع من خاننا أو خذلنا أفضل من مواجهة الوحدة.
ليس سهلاً أن ينتهي كل شيء بين شخصين جمعتهما أحلام كبيرة وكلمات دافئة وذكريات لا تُحصى ، لم يكن سهلاً أن يجلسا ذات يوم على طاولة واحدة، يتهرّبان من النظر في أعين بعضهما، وكلٌّ منهما يعرف أن الآخر قد تغيّر، أو بالأحرى… قد خان العهد الذي جمعهما.
الخيانة ليست دائمًا خيانة جسد، أحيانًا خيانة روح، خيانة اهتمام، خيانة وعدٍ بأن يظل القلب ملكًا لقلبٍ واحد ، وقد يحدث أن يتورّط أحدهما مع آخر، باسم الحاجة أو الملل أو البحث عن شيءٍ مفقود، او تعويض علاقه قد فشلت مع أحد ما ، ثم يعود ليتظاهر أن شيئًا لم يكن.
انظر حولك… كم من قصصٍ نسمعها كل يوم:
حبيبٌ أحبّ بصدق، لكنه استيقظ ذات يوم ليجد شريكته تخبره أنها لم تعد تحبه، لأن قلبها صار مع غيره منذ أشهر دون أن تخبره.
زوجان عاشا سنواتٍ طويلة تحت سقف واحد، ظنّ الناس أن علاقتهما مثالية، بينما الحقيقة أن كلٌّ منهما كان لا يتعلق بالآخر .
هذه الأمثلة تتكرّر بصيغٍ مختلفة، لكن النهاية واحدة: كسرٌ، وجعٌ، ثم قرارٌ شجاعٌ بالرحيل.
وهنا، يصبح الفراق شجاعةً لا يملكها كل الناس ، يصبح الفراق قرارًا صعبًا لكنه أنقى من ألف بقاءٍ مزيّف، يصبح الفراق حفاظًا على كرامةٍ تأذت، وقلوبٍ تحتاج وقتًا لتتعافى.
قد يقول الناس: «لماذا لم تتحمل؟ لماذا لم تصبر؟» وكأن الصبر على الخيانة بطولة! الحقيقة أن البطولة أن تقف أمام نفسك وتقول: «أنا أستحقّ حبًا لا يُشارك فيه أحد ،أستحق يدًا لا تخونني من وراء ظهري» .
قد يبكي الطرفان، وقد ينهاران، وقد يتذكّران الضحكات والمواقف الجميلة، لكن الذاكرة لا تكفي لترميم ثقةٍ انكسرت ، من خانك مرةً فتح داخلك بابًا للشك لن يُغلق بسهولة، وسيأكل أجمل ما فيك إن لم تهرب بكرامتك .
الفراق ليس عيبًا… العيب أن تبقى في علاقةٍ تعلم أنها انتهت منذ أول خيانة، منذ أول كذبةٍ أُخفيت عنك، منذ أول رسالةٍ مسحتها يده خوفًا من عينك ، من أول يوم تراه جالس مع اخر بحجة العمل ، العيب أن تقنع قلبك أن هذا الشخص سيعود نقيًّا كما كان.
ارحل إذا اضطررت، غادِر بصمت، ودع الذكريات تسكن في صندوقٍ قديم، وافتح نافذةً جديدة، لأن الحياة لا تتوقف على خائن، ولأن الله أكرم من أن يتركك وحدك طويلًا ،سيجبر كسرك بمن يستحقك، بمن يفهم قيمة يدٍ إذا وُضعت في يده لم يتركها أبدًا ، الذي طاوعه قلبه ان يكون علاقة من شخص آخر وهو معك في علاقة كاملة هذا لا يستحق البقاء معه ، الذي يحاول ان يقنع من حوله انه مظلوم ويقلب الطاولة عليك لا يستاهل التضحية التي ضحيتها لاجله ولن يفهمها أبداً لانه لا يعرف معنى التضحية.
الفراق هنا ليس خيانةً ثانية، بل إنقاذٌ للنفس ، لأن أسوأ أنواع الخيانات هي تلك التي نقترفها بحق قلوبنا عندما نُجبرها على التحمّل أكثر مما تحتمل.
الخاتمة :
الفراق ليس عيبًا… بل هو أحيانًا أجمل هدية نهديها لأنفسنا، اعتذارٌ صامتٌ نقدّمه لقلوبنا بعدما أسرفنا في التضحية لمن لا يستحق.
إذا خانك من تحب، لا تبحث عن أعذار تُبرّر بقاءك ، لا تمنح كرامتك دروسًا في الصبر على من لم يقدّرها، أغلق الباب بهدوء، وامضِ في طريقٍ نظيف لا يعبره الكاذبون.
تذكّر: قد يوجعك الفراق اليوم، لكنه سيُنقذك من خيباتٍ أكبر غدًا، وسترسل لك الحياة من يفهم معنى الوفاء، من يعرف أن الحب الحقيقي لا يقبل القسمة على اثنين.
فليكن فراقك حُرًّا، نقيًا، لا تشوبه كراهية ولا رغبة في الانتقام. فقط امضِ… واترك خلفك من خانك ، لأن من خان مرةً قد يخون ألف مرة، أما قلبك… فلا يستحق سوى من يصونه بصدق.
مع السلامة 🌷
💙 دمتم صادقين في كل شيء
ونلتقي دومًا على سطور من صدق وإلهام ✨✍️
🍃 إلى لقاء قريب بإذن الله.

تعليقات
إرسال تعليق
اترك تعليق لو أحببت