العوض الجميل


العوض الجميل

في كل فراقٍ كنت أظن أن شيئاً في داخلي انتهى، لكن الأيام أثبتت أن الله لا يكتب الخسارة إلا ليمهّد للعوض ، وأن ما نحسبه كسراً .. ما هو إلا بداية بناءٍ جديدٍ فينا ، ليست كل خسارة تُبكينا، فبعضها تصنع فينا حياة جديدة.

وهنا بدأت حكايتي مع العوض الجميل.

العوضي الجميل الذي يأتي بعد الصبر، عن التغيّر، والنضج، وعن كيف يُبدّل الله الوجع نوراً، حتى يُصبح الفراق بداية لحياةٍ أجمل مما كنا نحلم . 

لم أكن أظن أن الله سيكتب لي بعد الفقد حياةً بهذا الجمال، ولا كنت أتخيل أن ما ظننته نهاية سيفتح لي باب بداية جديدة ، أنضج، وأصفى، وأجمل .

في لحظة الوداع كنت أظن أن كل شيء انتهى ، وأن ما تبقى من الأيام سيُكمل طريقه مثقلاً بالخذلان ، لكن الله بلطفه الذي لا يُدرك إلا بعد حين كان يخبّئ لي عوضاً جميلاً لا يشبه شيئاً مما فقدت ، وكان يريد ان لا يرافقني في عوضي الجميل اشخاص ليست شبهي .


بعد الفراق تغيّر فيّ الكثير….. 

تعلمت أن أختار نفسي دون تردد ، وأن أضع كرامتي أولاً مهما كانت المحبة ، صرت أرى الحياة بعيونٍ أكثر نضجاً، لا أنتظر أحداً ليكملني ، ولا أعاتب من غادر ، لأن الغياب أحياناً علاج ، تغيّرت نظرتي للحب ، لم يعد ضعفاً أو تمسكاً بالماضي ، بل أصبح طاقة تبنيني لا تهدّني ، حباً يبدأ من نفسي وينعكس على كل ما حولي.

عوضني الله بأصدقاء يشبهون الدعاء المستجاب ، وبراحةٍ تملأ صدري حين أتذكر أن كل ما رحل لم يكن ليبقى ، عوضني بابتسامةٍ صادقة ، وبطريقٍ جديدٍ لا يحمل وجع الأمس ، بل يزرع خطواتٍ مليئة بالأمل.

حتى قلبي تغيّر !! صار أكثر هدوءاً ، لا يلهث خلف أحد ، ولا يخاف من الفقد ، لأنني أدركت أن من أراد البقاء لن يحتاج وعداً ليبقى .

اليوم، أنا الشخص الذي كنت أتمناه لنفسي يوماً ، أقوى، أهدأ، وأقرب إلى الله من أي وقتٍ مضى.

صرت أؤمن أن كل تأخير فيه خير، وأن كل انكسار فيه حكمة، وأن كل خسارة كانت لتصنع مني إنساناً لا يُكسر بسهولة.

العوض الجميل ليس صدفة ، هو وعدٌ من الله لكل قلبٍ صبر وسكت واحتسب ،هو لحظة تدرك فيها أنك نجوت من شيءٍ لم يكن خيراً لك ، وأن الله كتب لك بعده ما هو أطيب وأصفى.

العوض الجميل هو أن تعود إلى نفسك، أن تجد في داخلك سلاماً لا يرتبط بأحد كان غش ، وابتسامةً لا يسرقها غياب أحد كان انتهازي لا يهمه أحد .

فالحمد لله على الخذلان الذي أعادني إلى طريقي ،

وعلى الفراق الذي فتح عينيّ على نفسي، وعلى كل وجعٍ كان بدايته انكساراً ونهايته عوضاً جميلاً يفوق الخيال.


الخاتمة :

اليوم أدركت أن الله لم يأخذ مني شيئاً إلا ليُعطيني ما هو أجمل ، ولم يُوجِع قلبي إلا ليعلّمني كيف أحتضن نفسي برفق.

العوض الجميل لم يكن فقط شخصاً جاء ، بل كنتُ أنا… حين عدت لنفسي بقلبٍ أقوى ، ونَفَسٍ أهدأ ، وروحٍ راضية بعد طول وجع ، لشخص لا يعرف إلا نفسه ومصلحته ، وهنا فقط… فهمت أن أجمل عوض ، أن تُشفى من حنينك دون أن يفارقك الحنين ، وأن تبني مستقبلك لا لغيرك ، وأن تخدم نفسك ولا تخدم غيرك فقط . 


مع السلامة  🌷

💙 مساءك عوض جميل دائمًا 

ونلتقي دومًا على سطور من صدق وإلهام ✨✍️


🍃 إلى لقاء قريب بإذن الله.



تعليقات

  1. أحيانًا يكتب الله لنا الفقد لا ليكسرنا، بل ليطهّر قلوبنا من التعلّق بما لا يشبهنا. فيأخذ من بين أيدينا شيئًا نظن أننا لا نستطيع العيش بدونه، ثم يمضي بنا إلى عوضٍ ينسينا مرارة الوداع، ويملأ أرواحنا راحة وطمأنينة🤍🌷

    ردحذف
  2. كم مرة ظننا أن كل شيء انتهى، فإذا بالحياة تهمس لنا لم يبدأ الجميل بعد ✨️🌸

    ردحذف

إرسال تعليق

اترك تعليق لو أحببت

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

النسيان راحة ونعمة

جعلتني وحيداً بدون أحد

قصة تهز المشاعر