اللي ما يعرف طعم الوفاء
ما كل من عاش معك عرف معنى الوفاء، ولا كل من شاركك الطريق قدّر تعبك وسهرك ، في ناس ياخذون الطيبة ضعف، والعطاء عادة، والوفاء عندهم مجرد شعار وقت المصلحة، يرفعونه حتى تنتهي حاجتهم منك، ثم يرمونه كأن ما كان له وجود.
في هذا الزمن، صرنا نشوف وجوهاً كثيرة تتزيّن بالابتسامة، لكنها تخفي نكراناً ما له مثيل ، وجوه ما عرفت للوفاء معنى، ولا ذاقت طعمه الحقيقي. تعطيهم قلبك، وتمد لهم يدك، وتفتح لهم بابك كأنهم من دمك ولحمك، لكن أول ما يشبعون… يلفّون ظهورهم كأنك ما كنت يوم سبب في راحتهم.
كنت أظن الخير يخلّد الأثر، والنية الطيبة تكفي لتزرع التقدير في القلوب، لكن للأسف، في ناس ما تشبع، مهما أعطيتهم، ومهما وقفت بجنبهم، ينسون كل شيء أول ما يلتفت لهم غيرك .
تعبت وأنا أعاتب، وتعبت وأنا أبرّر، وتعبت وأنا أقول يمكن يتغيّر، يمكن يتذكّر ، لكن بعض الناس ما فيهم لا تقدير ولا أحترام ، يخذلونك وكأن الخذلان عندهم عادة، ويغيبون وكأنهم ما عاشوا يوم في ظلك ولا تنعّموا بوجودك .
ما يوجعني النكران نفسه، بقدر ما توجعني الذكرى… الذكرى اللي تهمس لي إن هذا الشخص كان يوم أغلى الناس، وإنه كان يضحك بكلمة، ويبكي لو زعلت وسافرت عنه ، واليوم، صار ما يشوف وجودي ولا يسمع صوتي .
كم مرة وقفت أنت والسند؟ كم مرة قلت “ما عليه” وسامحت عشان ما تخسرهم؟ كم مرة كتمت وجعك عشان ما تجرحهم؟ وهم في المقابل، ما تردّدوا لحظة في نكرانك بحجج واهية .
يوم احتاجوك كنت أول من يهرع لهم، ويوم ارتاحوا، نسوك، وكأنك كنت ظلّاً مرّ عابر في حياتهم.
لكن خلاص، ما عاد للعتب طعم، ولا للبقاء معنى ، اللي نسى، خليه يعيش نسيانه ، واللي أكل من خيرك ونكر فضلك، سيعيش طول عمره يتذوق طعم الحرمان ، لأن الوفاء ما يتعلّم، الوفاء يُخلق في القلب، ومن خلا قلبه من الوفاء، خلا من الطمأنينة أيضاً .
اللي ما يعرف طعم الوفاء، ما يقدّر الجميل، ولا يحفظ المعروف ، يعيش على خيرك، ويتزيّن بوجودك ، لكن إذا شبع من عطائك، يرحل وكأنه ما عرفك ، ما يذكر كم مرة وقفت معه وهو يائس، ولا كم مرة مسحت دمعه بيدك.
نسي العشرة، ونسي إنك كنت له وطن، وسند ، وراحة!! نسي إنك كنت تتألم بصمت لما يوجعك ، وتضحك عشانه رغم حزنك .
وكل هذا راح سدى…!
راح كأنه حلم، كأن الأيام اللي جمعتنا كانت مجرد مشهد في فيلم قديم انتهى بلا وداع .
عاتبت نفسي كثير : ليش أزعل على نكرانهم؟ ليش قلبي بعد يوجعه الفقد؟ بس يمكن لأني أحببت بصدق، وأخلصت دون حساب، وكنت أظن الوفاء شيء متبادل بين القلوب، مو خيار يختاره البعض.
لكن الزمن علّمني…
علّمني إن الطيب ما يخسر حتى لو خذلوه ، وإن المعروف ما يضيع حتى لو نُكر، لأن الله ما ينسى، والله يعوّض ، اللي نكر اليوم، بيتمنى بكرة لو يلقى واحد يشبهك ، بس ما راح يلقى ، لأن الوفاء ما يُصنع ، الوفاء فطرة ، واللي ما ذاق طعمه ، ما يعرف لذّته ولا يعرف قيمته .
اللي ياكل من خيرك وينكر فضلك، لا تظن إنه ارتاح ، يمكن يشبع غروره ، بس قلبه دايم ناقص ، لأن اللي يخون المعروف، الله يحرمه طمأنينة البال، ويتركه يطوف في حياة مليانة ناس …. بس فاضية من الإحساس.
الخاتمة:
علّمتني التجارب إن الوفاء ما ينقاس بالكلام، بل بالمواقف ، فاحمد الله على نقاء مافيني ومافي قلبي ، ولا اندم على خيرٍ قدّمته لأحد كان محتاج ، الله كفيل يردّ الجميل في وجوه اللي ما تعرف النكران، وقلوب ما تعرف إلا الصدق .
أما اللي نسى، فخليه للنسيان… الأيام كفيلة تعلّمه إن الطيبة ما كانت ضعف، وإن اللي خسر وفاءك، خسر أجمل شعور ممكن يعيشه إنسان.
خلها على الله، فالله لا يضيع تعب قلبٍ كان صادق بكل شي ، واليوم اللي تشوف فيه جزاء نيتك الطيبة، راح تدرك إن خسارتك ما كانت خسارة، كانت نجاة ، واللي ما يعرف طعم الوفاء… يكفيه إن حياته تبقى ناقصة، مهما امتلك، لأنه فقد أجمل إحساس في الوجود هو الوفاء.
مع السلامة 🌷
💙 دمتم صادقين اوفياء
ونلتقي دومًا على سطور من صدق وإلهام ✨✍️
🍃 إلى لقاء قريب بإذن الله.

اللي ما يعرف طعم الوفاء، يخسر أجمل الناس دون ما يحس، لأن الوفاء نعمة ما تُفهم إلا بعد الفقد
ردحذفمن لا يعرف طعم الوفاء، لا يعرف قيمة القلوب التي أحبّته بصدق ✨️
ردحذف