كل من اكتفى اختفى
غريب كيف يتحول الحضور إلى غياب، وكيف يصبح من كان يسأل عنك في كل لحظة، مجرد ذكرى تمرّ في بالك صدفة.
لم أكن أظن أن الاكتفاء طريقٌ إلى الاختفاء، ولا أن الذين أحببناهم بصدق سيختارون الصمت بعد الامتلاء.
عاتبت نفسي كثيرًا قبل أن أعاتبهم، ظننت أنني كنت السبب، أنني ربما أكثرت من الحضور أو قللت من الاهتمام، لكن الحقيقة التي تؤلم هي أن البعض يرحل حين يشعر أنه أخذ ما يريد، دون أن يلتفت لما تركه فينا من ألم وفراغ.
كم مرة سامحت الغياب وقلت ربما يعود؟
كم مرة أقنعت قلبي أن الصمت لا يعني النهاية؟
لكن مع الوقت فهمت أن من اختفى بعد الاكتفاء، لم يكن يومًا حقيقيًا كما ظننت طول المدة الماضية .
لم يعد في القلب عتاب كما كان، فقط غصّة صامتة، لأن من يرحل عنك برضاه، لن تعيده لو انتظرت عمرًا كاملاً.
ما يؤلم في العلاقات ليس الفراق نفسه، بل تلك اللحظة التي تدرك فيها أن من كنت تظنه لا يقدر على الغياب، اختفى وكأنه لم يكن يومًا جزءًا منك.
كانوا يومًا يسألون عن تفاصيلنا الصغيرة، يهمّهم حضورنا، يفرحون لحديثنا، ثم فجأة… يصمتون، وكأنهم لم يعتادوا يوماً على أصواتنا.
لم أعد أصدق الوعود، ولا أطمئن لكلمة “أنا باقٍ”،
فكل من اكتفى… اختفى.
يأخذ ما يحتاج من دفء القلب، ومن صدق المشاعر، ثم يرحل وكأنك لم تكن سوى محطة استراحة على طريقه.
الأن أعاتبهم بصمتي، لأن الكلام بات بلا جدوى !!
فما نفع العتاب حين يكون الغياب قرارًا؟
وما جدوى البقاء في قلبٍ لم يعد يشعر بك؟
أحيانًا نحب لدرجةٍ تجعلنا نبرر الغياب، ونخترع لهم الأعذار حتى وهم لا يستحقونها ، نقول : ربما تعبوا، ربما ضاقت بهم الدنيا، وربما سيعودون حين يهدأ كل شيء… لكن لا أحد يعود بعد الاكتفاء، لأن العودة تحتاج شعورًا بالنقص، وهم الأن اكتفوا .
كم مؤلم أن تتحول إلى ذكرى في حياة من كنت تظن أنك الحياة بأكملها لهم.
كم موجع أن ترى من كنت تسهر معه على تفاصيلك، يمر بك مرور العابرين، لا سلام ولا حتى نظرة حنين .
تعلمت أن لا أتمسك بمن اختار الغياب، ولا أركض خلف من وجد راحته في البعد، فالحب لا يُستجدى، ومن أراد البقاء سيبقى رغم كل شيء .
رحلوا حين امتلأوا، وتركوني فارغًا من كل شيء…
فهم اكتفوا، وأنا ما زلت أبحث في الغياب عن بقايا حضورهم.
الخاتمة:
لم أعد ألوم أحدًا بعد اليوم، فكل من اكتفى اختفى، لكني سأبقى أذكرهم بخير، لأن الحب الصادق لا يبدل طبيعته حتى حين يُكسر .
رحلوا… لكن بقاياهم ما زالت هنا، تلوّح لي كلما مرّ طيفهم في خيالي، لتذكرني أن بعض الغياب لا يُشفى منه، بل يُتعلَّم التعايش معه بصمتٍ موجع، وابتسامةٍ منكسرة.
لو كان خيراً بقى ولو كان محباً لحكى ولو كان مشتاقاً لأتى ولو كان صادقاً لبقى ، لكنه لم يكُن نهاية الكلام ،
فكُل مِن اكتفى اخِتفى …
مع السلامة 🌷
💙 دمتم صادقين باقين في حبكم
ونلتقي دومًا على سطور من صدق وإلهام ✨✍️
🍃 إلى لقاء قريب بإذن الله.

أحيانًا لا يختفي من اكتفى، بل يكتفي بالصمت ليحفظ ما تبقّى من شعور جميل
ردحذف