يا لِقساوة قلبها

 

يا لِقساوة قلبها


يا لِقساوة قلبها  : في أشياء بالحياة لا تُغتفر


كان يحبها كأنها آخر النساء على هذه الأرض ، وضع قلبه بين يديها بثقة طفلٍ ينام مطمئنًا على صدر أمه ، لم يبخل عليها بوقت ولا مشاعر، كان يراها وطنًا، ويراها حُلماً جميلاً يعيش فيه.

لم يتوقع يومًا أن الطعنة ستأتي منها  هي ، من الإنسانة التي أقسم ألف مرة أنها لن تخذله، لكنه اكتشف اشياء لم تكن لها من خلال العشرة بينهم ، ووعودًا لم يسمعها منها أبداً طول فترة العلاقة ، وأسرارًا تقاسمها معها شخص أخرى. 

في لحظةٍ واحدة، انهار داخله ذلك البيت الذي بناه من الأمان والصدق ، وكان كل ذلك من خلال تغيير طريقة الحوار بينهم ، كانت هناك كلمات لم يعتاد سماعها منها   ( هذه خصوصية، وهذا حقي ، واللي بينا كان لعب ) يال الصاعقة الكبرى التي حلت به . 


عذر؟ حاول أن يقدم ألف عذر،  دموع؟ ذرفها أمامها بلا خجل ، وعود بالنسيان ؟ جاءت متأخرة، فالأمان إذا انكسر لا تعيده الكلمات ، هناك أشياء يمكن للإنسان أن يسامح فيها، أما الخيانة فهي الوحيدة التي حين تحدث تُغلق كل أبواب العودة.

يقولون إن الإنسان خُلق ليغفر ويتسامح، لكن الحقيقة التي نخجل من الاعتراف بها أحيانًا: هناك أشياء في هذه الحياة لا تُغتفر، مهما حاولنا أن نُجمّلها أو نُبررها لأنفسنا ، واحدة من أقسى هذه الأشياء هي الخيانة ، والخذلان ونكران العشرة .


في هذه الحياة كثير من الأشياء نقدر نعدّيها ونقول: «يصير خير»… بس فيه أشياء، لو سامحنا فيها، نخون نفسنا قبل أي أحد.

وأصعبهاالخيانة، والخذلان، ونكران العِشرة.

الخيانة توجع لأنها تكسر الثقة وتكسر القلب ، تخليك تشك في كل شي حلو صدقته. 


الخيانة ما هي كلمة تنقال وتعدّي، الخيانة وجع ينخر في قلبك حتى لو حاولت تتجاهله ،هي ليست غلطة عابرة ولا لحظة ضعف، هي جرح متعمد، وطعنة ورا ظهرك وأنت مأمن.

اللي يخونك ما خان حبك بس، خان كل شي: لحظاتك، أسرارك، تعبك اللي بنيت فيه العلاقة خطوة خطوة ، خان صبرك وتضحيتك وسهرك وفرحك وحزنك معه . الخيانة تجيب معاها ألف سؤال وألف وجع وألف ليه، وما تعطيك ولا جواب يبرد قلبك.

الخيانة توجع لأنها تحسسنا إن إحنا كنا نعيش كذبة كبيرة، وإن اللي أمامنا كان لابس وجه ليس له،  بعدها يجيك صوت داخلي يقول: «وش كنت أنا له؟ وليه؟». أسئلة تأكل القلب وما لها جواب يشفي.

في العلاقات العاطفية، قد نتحمل قسوة، أو فتورًا، أو حتى خصامًا طويلًا، لكننا لا نحتمل خيانة ممن خسرنا كل شي عشانهم ، لأنها ليست زلة لسان، ولا موقف غضب، ولا خطأ غير مقصود. 

الخيانة قرار، وخداع، وكذبٌ طويل ، هي غدرٌ مكتمل الأركان، لا يليق بمن أحب بصدق أن يقف أمامه مكتوف اليدين.


أما الخذلان فهو يوجع أكثر لأنه يجي من شخص كنت تشوفه سندك، يتركك في منتصف الطريق ويعطي حجج واهية يجبر الاخرين على تصديقها وفي نيتة غاية ثانية ، ويحسسك كأنك ما تعبت ولا أعطيته من قلبك شي.

وأقسى من الاثنين؟ نكران العِشرة، فإنك تحس إن كل العُمر اللي بينك وبينهم صار ولا كأنه كان… كأنك غريب ما جمعتك الأيام ولا جمعتك المواقف ولا جمعتك الأقدار ، وللاسف لا يوجد لهذا النكران جواب  أبداً غير الهروب والصمت. 


يقولون سامح من يجهلك، واصفح عن اللي غلط عليك بغير قصد. بس لا تسامح من خانك وخذلك ونسى العِشرة اللي بينك وبينه، لأن اللي نسى اليوم عُمر كامل، بيقدر ينسى بكرة ألف عُمر ثاني.

فيه ناس عندهم طبع يغدرون ويعتذرون وكأن شي ما صار،  يقلبون الطاولة عليك، يلومونك بدل ما يلومون أنفسهم ، يتوقعون منك إنك تكون كريم القلب وتفتح لهم نفس الباب اللي كسروه ، بس بعض الأبواب إذا انكسرت ما تتصلح ، وبعض الجروح حتى لو طابت تبقى الندبة تذكّرنا.

في العلاقات العاطفية، قد نتحمّل الإهمال مرة، والغياب مرة، وقد نمرّر الكلمات القاسية، أو حتى العتب المُتكرر. لكن الخيانة ليست كأي ذنب آخر، إنها تكسر شيئًا عميقًا بداخلنا، شيئًا لا يمكن إصلاحه حتى لو حاولنا ألف مرة.


الخيانة والخذلان ونكران العشرة ليست فعلًا عابرًا، بل هي إعلان خفي بأن الثقة التي بنيتها كلمة كلمة وحبّة حبّة ذهبت في لحظة نزوة أو خديعة أو كذبة ، من يُحب لا يخون، ومن يخون لم يعرف يومًا كيف يحب حقًا.

قد يعتذر من افقدنا الثقة به ، وقد يُقسم أنه نادم، وقد يُغرينا القلب بفرصة أخرى، لكن الحقيقة المُرة أن ما فعله سوف يترك أثرًا لا يُمحى ، حتى إن حاولنا الصفح، تبقى طعنتها حاضرة في كل لحظة، تُذكّرنا بأن الأمان الذي منحناه لشخصٍ ما ، قد خانه في أسوأ لحظة، لأنها تجعلك تشك في نفسك أولًا قبل أن تشك في غيرك. تجعلك تتساءل: هل أنا لم أكن كافيًا؟ هل قصّرتُ؟ فتتلوّى داخلك أسئلة لا إجابة لها، وتظل الإجابة الحقيقية واحدة: من خان لم يحترمك، ولم يحترم ما بينكما.


الحب بلا احترام وبلا تقدير لا يدوم ، والثقة حين تنكسر، قد تُرمم شكليًا لكنها لن تعود كما كانت ، فهناك في قلوبنا أدراج نغلقها إلى الأبد، وهناك صفحات نطويها رغمًا عن حنيننا ، لأن البقاء مع خائن خيانة أكبر لأنفسنا.


الخاتمة :

في هذه الحياة، سنتعلم أن نغفر زلات كثيرة، وسننسى مواقف موجعة، ونسامح قلوبًا أخطأت في حقنا ،لكن ستبقى الخيانة بكل أنواعها دائمًا من تلك الأشياء التي لا تُغتفر، لأنها تُهدر ماء القلب والكرامة معًا ، وإن لم نستطع أن نحمي قلوبنا من الخائنين، فعلينا على الأقل ألّا نخون أنفسنا بالبقاء معهم.

هناك أشياء بالحياة ما تتسامح فيها، ليس لأنك قاسي، بس لأنك تحب نفسك وتقدّر قلبك وما ترضى تخونه.

واللي ما قدّر العِشرة يوم، ما يستاهل منك دقيقة زيادة ،احفظ كرامتك… واحفظ قلبك… لأن فيه ناس لو سامحتهم مرة، بيدمّرونك ألف مرة.


مع السلامة  🌷

💙 دمتم صاينين للعشرة 

ونلتقي دومًا على سطور من صدق وإلهام ✨✍️


🍃 إلى لقاء قريب بإذن الله.

تعليقات

  1. مدونتك تسكن الروح وتبقى كالاغنية
    التي لاتنسى

    ردحذف

إرسال تعليق

اترك تعليق لو أحببت

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

النسيان راحة ونعمة

جعلتني وحيداً بدون أحد

قصة تهز المشاعر