عابرون والدنيا ليست لنا …

في زحمة الدنيا وضجيجها، ننسى كثيرًا أننا عابرون. ننشغل بتفاصيل لا تنتهي، ونعلّق قلوبنا بأشياء مصيرها الزوال، وننسى الحقيقة الأبدية : أننا ضيوف هنا، غرباء مهما طالت بنا الإقامة.

عابرون والدنيا ليست لنا ، ليست مجرد كلمات عابرة، بل هي تذكيرٌ بأن كل ما نملكه اليوم قد لا يكون لنا غدًا، وأن الرحلة قصيرة مهما خُيّل إلينا أنها طويلة.

لا شيء يدوم …

علّمنا الزمن أن لا شيء يبقى على حاله ، الأحوال تتبدل، القلوب تتغير، الوجوه ترحل، والأماكن تفقد بريقها ، كل شيءٍ هنا مؤقت، حتى نحن ، نأتي إلى الدنيا بصرخة، ونرحل منها بصمتٍ لا يقطعه إلا دعاء محبّ، أو دمعة من قلب صادق.

أحيانًا نغفل عن هذه الحقيقة، فنحزن أكثر مما ينبغي، ونغضب أكثر مما يحتمل الموقف، ونتمسك بأشياء لو تركناها لأراحنا الله منها وأبدلنا خيرًا منها ، لكن التعلّق بالدنيا يأسر القلب ويثقله.

حكمة الرحيل ….

ربما في قِصر أعمارنا حكمة ، لو كانت الدنيا دار خلودٍ لما تاقت أرواحنا للجنة، ولما اشتقنا لوطنٍ أبدي لا يزول ، فكرة أننا عابرون تجعلنا نتخفف من الأحقاد، من الحسد، من المقارنات التي لا تنتهي.

حين نتذكر أن كل من ظلمنا أو آذانا أو سبقنا بشيء من متاع الدنيا، عابرٌ مثلنا، نطمئن ، لأن كل شيءٍ سينتهي، ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام.

ماذا نترك خلفنا؟ …

كوننا عابرين لا يعني أن نمرّ بلا أثر ، الأثر الطيب هو ما يبقى لنا حين نغادر ،كلمة خير، مساعدة محتاج، ابتسامة صادقة، صدقة جارية، علمٌ يُنتفع به ، هذه هي الحقائب التي نأخذها معنا، وكل شيءٍ غير ذلك يتركه الزمن خلفنا.

كيف نعيش كعابرين؟

لا تربط سعادتك بشيءٍ فانٍ.

سامح بسرعة، لأن الوقت قصير.

قلّل التعلق بالأشياء، وزد التعلق بخالق الأشياء.

عش اليوم كأنه آخر فرصة لتزرع خيرًا وتترك أثرًا جميلًا.

الخاتمة : 

عابرون والدنيا ليست لنا ، جملة تختصر فلسفة العمر كله ، فحين تحزن على ما فات، أو تخاف على ما هو آتٍ، تذكّر أنك مسافر، وأن المسافر لا يحمّل حقيبته أكثر مما يحتمل.

اللهم خفّف أعباء قلوبنا، وعلّقها بك وحدك، وبلّغنا منازل الآخرة بقلوبٍ راضية، مطمئنة أنك خيرُ مُستقر وخيرُ مُقام.

 وأنت.. ما الذي تحمله معك في رحلتك القصيرة؟ وما الذي تتمنى أن تتركه من أثر؟

مع السلامة  🌷

💙 دمتم سالمين 

ونلتقي دومًا على سطور من صدق وإلهام ✨✍️

🍃 إلى لقاء قريب بإذن الله .