الشخص البياع
ليس كل من يبيع بضاعة يُسمّى بياعًا، فهناك من يبيع ما لا يُشترى أصلًا… يبيعك كلماتٍ حلمتَ بها طويلًا، يبيعك وعودًا كُنتَ تتوسّدها كل ليلة، يبيعك حبًا ظننتَهُ وطنًا، وعِشرةً حسبتَها أمانًا.
«الشخص البياع» هو الذي يجيد تسويق الأحلام، يلمعها بالكلمات الجميلة، يُزيّنها بابتسامة صادقة الملامح، لكنه يخفي خلفها قلبًا بلا عهد، وضميرًا بلا يقظة ، يفتح لك باب الأمل، ثم يغلقه بوجهك متى ما وجد من يدفع أكثر… أو حتى من يُشبع أنانيته أكثر.
يا ويحَ من صدّق البياع! مَن وهب روحه وظنّ أن الوفاء صفقة مربحة في سوق القلوب، لم يعلم أن بعض القلوب لا تعرف قيمة العِشرة، ولا تحفظ جميل البدايات، بل ترى في كل حب محطة مؤقتة، وفي كل قلب درجًا يعلو عليه للوصول لأهدافه ويخطط لمراده وما يرغب في الوصول اليه ، مادي او معنوي.
«الشخص البياع» لا يخسر شيئًا حين يبيعك… أنت وحدك الخاسر لبعض الوقت، لكنك في النهاية الرابح الأكبر، لأنك تعلّمت الدرس الأغلى : لا تضع مشاعرك في يد من يجيد الحسابات، ولا تسلم قلبك لمن يضعه في ميزان الربح والخسارة ، والمصالح والأنانية التى حددها من البداية معك .
دعه يذهب ببضاعته الكاسدة ولا تلتفت ، واتركه لمن يقبل شراء الوهم ، ربما كان جائعاً ، وانت تصدقت عليه من دون لا تعلم .
أما أنت، فاعلم أن الحب الحقيقي لا يُباع ولا يُشترى، لا يساوم ولا يُساوم عليه… الحب الحقيقي عِشرةٌ تُزرع وتُروى، لا تُعرض على الأرصفة ولا تُلقى في المزادات.
وفي النهاية، لا تبكِ على «بياع» باعك يومًا، بل احمد الله أنه كشفه لك قبل أن يستهلك ما بقي منك ،دع قلبك يتطهر من خداعه، وذكرياتك تتحرر من كذبه ، واعلم أن من يبيع العِشرة لا يشتريه الزمن، ومن يفرّط فيك لم يكن يومًا أهلًا للبقاء معك .
أغلق أبوابك جيدًا، افتح نوافذك للنور، وقل لنفسك : لم أخسر شيئًا، بل ربحت نفسي، وهذه وحدها صفقة العمر ، كنت ضائعاً معه لإرضائه وكنت بعيداً عن نفسي بسببه.
فيا قلبي لا تخف من خسارة «البياع»
فمن باعك اليوم… سيبيعه غدًا غيرك
الحب لا يعرف مزادًا ولا مساومة
الحب ولاءٌ لا يقف على طاولة التفاوض
فإن مرّ في حياتك بياعٌ ذات يوم
تذكر أنك لست سلعةً تُشترى…
أنت كنزٌ لا يلمسه إلا من يعرف قيمته
فكن غاليًا على نفسك…
وكُن كريمًا مع قلبك…
ولا تمنح صدقك إلا لمن يراه نعمةً لا ثمن لها.
أيوها القلب الطيب دع البياع يرحل بخيبته، ولا تلتفت وراءك أبداً ، تخيل نفسك بأنك ركبت سيارة اجرة ونزلت فلا يهمك من ركب بعدك .
اجمع فتات قلبك، وازرعه من جديد في أرضٍ أصدق وأخصب ، فهناك اراضي لا تصلح للزراعة.
تذكّر دائمًا: من باعك مرة، سيبيع ألف مرة.
لكن من عرف قيمتك لن يفرّط فيك مهما اشتدت مواسم الرحيل.
الخاتمة:
لا تحزن على من تاجر بك، بل ابتسم لأنك نجوت من خداعه لمدة اطول .
واقطع عهدًا على نفسك : قلبي ليس مزادًا، وكرامتي لا تُطرح للبيع للرخيص …
فأنا أكبر من كل بياعٍ يتقن تسويق الأوهام، وأغلى من كل ثمنٍ يظنّه ثمن العِشرة.
ابقَ عاليًا، وامنح حبك لمن يستحق أن يحتفظ به عمرًا كاملاً دون مساومة.
ولا تأسف على قلبٍ اشتراه من لا يعرف قدره…
ولا تحزن على عشرةٍ باعها من لم يحفظ عهدها ،
فالقلوب النقية لا تخسر طويلًا، بل تنجو من الزيف في الوقت المناسب.
ويوماً ما… حين يكتشف «البياع» أن لا أحد يشتري كذبه بعدك، سيعود في داخله يبحث عن دفء صدرك…
لكن حينها فقط ستكون أبوابك مغلقة، وقلبك مطمئن بأنك لم تخسر سوى وهمٍ جميل ، وربحت حقيقتك الأغلى : أنك تستحق حبًا لا يُباع ولا يُشترى .
فامضِ خفيفًا من كل خيبة، واثبت عاليًا كقلبٍ تعلّم الدرس : لا مكان للباعة في بيوت الأوفياء.
مع السلامة 🌷
💙 دمتم في رضا وسلام
ونلتقي دومًا على سطور من صدق وإلهام ✨✍️
🍃 إلى لقاء قريب بإذن الله.

تعليقات
إرسال تعليق
اترك تعليق لو أحببت