كل من اكتفى اختفى
غريب كيف يتحول الحضور إلى غياب، وكيف يصبح من كان يسأل عنك في كل لحظة، مجرد ذكرى تمرّ في بالك صدفة. لم أكن أظن أن الاكتفاء طريقٌ إلى الاختفاء، ولا أن الذين أحببناهم بصدق سيختارون الصمت بعد الامتلاء. عاتبت نفسي كثيرًا قبل أن أعاتبهم، ظننت أنني كنت السبب، أنني ربما أكثرت من الحضور أو قللت من الاهتمام، لكن الحقيقة التي تؤلم هي أن البعض يرحل حين يشعر أنه أخذ ما يريد، دون أن يلتفت لما تركه فينا من ألم وفراغ. كم مرة سامحت الغياب وقلت ربما يعود؟ كم مرة أقنعت قلبي أن الصمت لا يعني النهاية؟ لكن مع الوقت فهمت أن من اختفى بعد الاكتفاء، لم يكن يومًا حقيقيًا كما ظننت طول المدة الماضية . لم يعد في القلب عتاب كما كان، فقط غصّة صامتة، لأن من يرحل عنك برضاه، لن تعيده لو انتظرت عمرًا كاملاً. ما يؤلم في العلاقات ليس الفراق نفسه، بل تلك اللحظة التي تدرك فيها أن من كنت تظنه لا يقدر على الغياب، اختفى وكأنه لم يكن يومًا جزءًا منك. كانوا يومًا يسألون عن تفاصيلنا الصغيرة، يهمّهم حضورنا، يفرحون لحديثنا، ثم فجأة… يصمتون، وكأنهم لم يعتادوا يوماً على أصواتنا. لم أعد أصدق الوعود، ولا أطمئن لكلمة “أنا باقٍ”، ...